عنقود الأوكسجين للشاعرة رشا السيد احمد تحليل ونقد بقلم علي محمد العبيدي
لاشيء تغير ..
هذيان عطر فينيقي
يشق ضراوة البعد
يحضر شغباً من زهر البرتقال
من حميمية الحبق للندى
فردوس من أضلع الغياب على
حين غرة يسطرُني ...... مطلع استهلالي رائع ومؤثر ربطت فيه الشاعرة بين ماض غابر تليد وحاضر مختلط تظطرب فيه الافكار والرؤى ( يشق ضراوة البعد ) استعارة جميلة فيها تعبير عميق المعني .. ... ( فردوس من أضلع الغياب على حين غرة يسطرني ) حس رومانسي ورحلة الى عالم آخر لكنه منظور في خيال الشاعرة لارتباطه الجميل بما سبقه .
أتهجاك
مشاعل شوق تحرقني
لا أملّ نورها ............ الهياج والجوى والنور صورتها الشاعرة بالمشاعل ... صورة تعبيرية صادقة ودلالة واضحة على اضطرام نار الشوق في العروق ولكنها في ذات الوقت هي تتلذذ بنورها لانها تعيش حبا صادقا لا يبلى مع تقادم الحال .
أفرد لك الفجر أغنية
أسكب في كأس الصّباح قهوتنا ..
أعطرها برحيق الحنين
يقتحمنا موج الصّمت أحياناً
حين تصغر اللّغة على الرسم
لا شيء
تغير فينا
إلا أن مركب الشوق تعاظم
مع كل غياب وحضور
يفرد أجنحته على أتون الأفق
عنقاء تتناسخ حنيناً
كيفما حركتها أصابع السؤال
لا شيء تغير .. ............. انه الفجر القريب والوعد والرجاء تفردة لك أغنية عذبة تحمل كلمات الامل والتفاؤل لتسكبها في كأس الصباح الداني وهي معطرة بندى الحنين ورحيقه الذي لايفارق الفؤاد ... والذي يضفى رونقا والقا رغم غفوة الصمت التي تطغى أمواجها أحينا عندما يخفت النداء ... ولكن لم ينتاب اللغة العجز ولا الخوار ... لذلك جاء تعبير الشاعرة باسلوب رشيق (حين تصغر اللغة على الرسم) ... ورغم الظروف والمتغيرات لم يتغير الحال انما بقي يسير على نفس الوتيرة بنسق منتظم لكن الشوق يتعاظم يوما بعد آخر وعبرت عنه بالمركب دلالة على ... الشوق ... والبعد الزماني ... والبعد المكاني ... وكلما بعدت الشقة وطال الزمان يكبر الشوق ويشتد الحنين ... كأنه طائر العنقاء الاسطوري فارشاً أجنحته يغطي أفق الزمان ليضفي أماناً وحبا وحنينا يتزايد ساعة بعد أخرى لذلك عبرت عنه الشاعرة بدقة وذكاء (تتناسخ حنينا) ويزداد هذا كلما تكرر السؤال .
تحضرني اليوم وفي الصّوت
بحة من صقيع
ورعشة من هذيان حب
يعانق كل أطراف الحلم
أذوب فيه ريشاً
يغلف حكايات البرد
وأشعل النّار تحت الكستناء
على مدفأة القوافي
بينما تشربني كأساً من التوت
ينتشي بالرحيق
يصلي على عنقود الأوكسجين
جنوناً يغلف بحة العندليب
المسافر على استوائية الشواطئ
وفي سلاف النشيد وميضٌ لا ينتهي
لا شيء تغير ........................... بحة الصقيع ... ورعشة هذيان الحب كلها دلائل لتحقيق حلم أكيد ... تنسج منه ريشا خيالياً يغلف حكايات برد الشتاء ليستمتع بدفء كلمات نسجت منها القوافي قصة خالدةتصف حال المكان الذي تعيشه على هذه الارض ... التي سقتها كأس التوت المنتشي بالرحيق الحالم بنسمة عليلة من (الاوكسجين) الذي هو نسمة الحياة ... ليستمر النشيد في الاسلاف وفي الورى وفي قادم الزمان يومض بالامل المتجدد .
هذا المساء
إلا أن خيول الصّهيل
أكثر تفرداً وهي ترتدي الوسن
وسط حضور فَجرٍ
يشق دهش السّهول البعيدة فينا
بينما يرقص البرق في الأرجاء
تخبرني عن قصاصات يومياتك
خمائل تتنفس بها رئتاي
تحكي لي عن حبيبات الثّلج
التي كانت
تغني في الحديقة هذا الشتاء
عن رائحة أقمارك الصغيرة
حين تغفو قرب النجوم لاهية
عن عطرها
المتطاير كل ليلة بمحاذاة الصفصاف
عن حكايات النعناع
الناهضة في مساكب الغربة
عن أزهار الجبل البعيد المخبأة
في حجرات القلب
لتزيدني في المرج الأخضر
أكثر توغلاً وأكثر جنوناً
لا شيء تغير ............... صيهل الخيول عند الفجر ينبئ بالبشر والسعد ... ويعفر الهواء بعبق تراب هذه السهول ... بينما البرق في الارجاء يعطي اشارة الغيث والخير ... وحكايات الثلج وغناء الحدائق ورائحة الاقمار الطيبة التي تغفو عند النجوم ببراءة الاطفال كلها تقص حكايات الغربة والحنين والجوى ... حكايات يهش لها القلب أملا في ان يرى أزهار جبالها ويمرح في سهولها الخضراء يتمرغ فيها كالمجنون لانها مخبأة في جوف القلب وجنباته .
منذ لهفتنا الأولى ..
غير هدير النهر
الذي يعزفنا لحناً أخضراً
وهو يمضي في الرؤى
بينما تلملم
النّجمات من الصوت العميق
تزين بها جيد الأوركيدا
فيما هي مشغولة
تعد في مرايا القمر السّكران
الكواكب الدرية بهدوء وثني
وهي ترقص حول النار
عبر أنفاق التيه
التي أعلنت اللارجوع
عن دروب الفستق ..
وإن طالت امتدادتها
أعداداً تقريبية في اللانهائي
عبر كون يهذي الجلّنار
لاشيء تغير
غير أن الهدير تعالى
أعلى وأعلى ونحن معاً
تجلس بين يدك الأبجدية ....... هذا اللهف الشديد المتزن النغمة غير هدير النهر وعزف بكل رقة نغما اخضرت له الحقول بينما كانت النجوم مشغولة بلملمة الصوت القادم من أعماق بعيدة لتعده كقلادة تضعها على جيد الاوركيدا ليصبح أكثر سحرا وجمالا ... فيما هي كان شغلها اعداد مرايا لذلك القمر الذي اسكره حب الارض واشتد شوقه لمعانقتها ... الكواكب معلنة عدم الرجوع والاعداد التقريبية في ال
تقرأ لانهائي تعابير مجازية عن انه لاشئ تغير لحد الان ... غير ان الهدير تعالى ونطق بأبجدية عرف فيها ما غاب واندثر .
شعرها
شفتاها
المرايا .. فتقرؤك السّلام
بينما ألسنة النّار في الموقد
تستمع لحكايا البخور
ووجهي يستمع لغناء الرّبيع
يمسح به ذاته فينبت مطراً يغسلُني
لاشيء تغير . .......................... الشعر والمريا والشفاه وقراءة السلام كلها تعد بفجر ندي وامل متجدد
منذ أول حضور استعرت به النيران
كخمرة تلف بالفكر
حتى انعتاق هذه اللحظة الاسطورية
لاشيء تغير
غير أننا ألتقينا على القمة حبيبين
و باعدتنا لوحة القدر
على الرغم من أننا لم نفترق
فأنت لحن نار في الـ هناك
وأنا مازلت أغنية هيام في الـ هنا ......................................................... ختام غاية في الروعة والجمال ... التسلسل الزمني للاحداث في غاية الدقة ... التعبير عن الافكار كان باسلوب جيد ودقيق ... خيال جميل ... التصوير الفني للاحداث رائع ... براعة في أختيار الالفاظ ... قصيدة متميزة
No comments:
Post a Comment