زها حديد وظاهرة الابداع المعماري
علي محمد العبيدي
لم تكن زها حديد حدثا عابراً أو ذكرى تمر على الأسماع مرور الكرام .
عندما نتكلم عن زها حديد نتكلم بفخر واعتزاز عن شخصية عالمة ومهندسة مبدعة ومبتكرة لطرق جديدة وأنماط حديثة وبأساليب علمية وفنية مدروسة في الهندسة المعمارية معتمدة في ذلك على دراستها الأكاديمية وخبرتها ، ويفوق كل ذلك موهبتها في الابتكار والتجديد وتقديم انجازات غير مسبوقة في مجالها العلمي والمهني . وقد وصفت بأنها واحدة من أكثر المهندسين المعماريين ابتكارا في العالم لما تميزت به من الابداع في تصاميمها التي تفردت بها .
زُها محمد حسين حديد اللهيبي، المعروفة أيضاً باسم زُها حديد هي معمارية عراقية بريطانية، وُلدت في بغداد يوم 31 أكتوبر 1950 وترعرعت فيها حيث قضت طفولتها وصباها وجزءاً من شبابها فيها والدها محمد حديد، كان أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي العراقي والوزير الأسبق للمالية العراقية بين عامي 1958-1960م. وظلت زها تدرس في مدارس بغداد حتى انتهائها من دراستها الثانوية، وقد ذكرت زها حديد إلى أنها قد نالت تربية وثقافة متميزة مواكبة للتطور الثقافي في العراق، اكتسبتها من تربية والديها لها ولدعمهما غير المحدود، وأنهما كانا مصدر الثقافة العصرية لها. إضافة إلى أن حماسهما وتشجيعهما هو ما أيقظ في نفسها النشاط والمثابرة وجعلها انسانة طموحة ومنحها ثقة عالية في نفسها.
وحصلت على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت 1971، ولها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، وحاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانية.
وتعتبر أحد رواد العمارة التفكيكية في العالم.
تخرجت عام 1977 من الجمعية المعمارية بلندن، وعملت كمعيدة في كلية العمارة 1987، وعملت كأستاذة زائرة في عدة جامعات في دول أوروبا وبأمريكا منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ وأوهايو وكولومبيا ونيويورك وييل. وعندما سئلت عن أي نصب تذكاري بغدادي تفضل أن يكون "رمزا إعلاميا لبغداد" لم تتردد إنها ترى نصب "كهرمانة" الأفضل لأنه يرمز لعصر الرشيد الذهبي لبغداد وقصص ألف لية وليلة وهذا دليل على ارتباط الروح الانسانية المسالمة التي تحب الحضارة وتتمسك بالتراث مع مواكبة التطور والتجديد في كل شئ ، كما ويمثل حلماً جميلا لان تعود بغداد الى سابق عهدها من الرخاء والرقي في المعارف والعلوم.
نالت العديد من الجوائز الرفيعة والميداليات والألقاب الشرفية في فنون العمارة، وكانت من أوائل النساء اللواتي حصلن على جائزة بريتزكر في الهندسة المعمارية عام 2004، وهي تعادل في قيمتها جائزة نوبل في الهندسة؛ وجائزة ستيرلينج في مناسبتين؛ وحازت وسام الإمبراطورية البريطانية والوسام الإمبراطوري الياباني عام 2012. وحازت على الميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية عام 2016، لتصبح أول امرأة تحظى بها. وقد وصفَت بأنها أقوى مُهندسة في العالم، وكانت ترى أن مجال الهندسة المعمارية ليس حكرًا على الرجال فحسب، فقد حققت إنجازات عربية وعالمية، ولم تكتفِ بالتصاميم المعمارية فحسب بل صممت أيضًا الأثاث وصولًا بالأحذية، وحرصت أسماء عالمية مرموقة على التعاون مع حديد، ما جعل منتقديها يطلقون عليها لقب ليدي جاجا بعالم الهندسة، وقد اختيرت كرابع أقوى امرأة في العالم عام 2010.
وكانت ترى حديد أن تصاميمها تتفاعل مع المدينة وتمنح الناس مكانًا يتواصلون فيه، حيث قالت أن المتابعين لأعمالي يعرفون أن خلق أماكن عامة يمكن للناس استعمالها بحرية، كما تسمح للمدينة بأن تنساب بطريقة سلسة وسهلة. وما ميز هذه التصاميم أنها اتخذت اتجاهًا معماريًا واضحًا يتكئ على خلفية فنية وفلسفية، لذلك فكانت تجنح لما هو تخييلي وتجريدي. وفقًا لتصنيف جينكز لعمارة التفكيك، فإن أعمال زها حديد تقع ضمن الاتجاه البنائي الحديث، وقد ارتبط هذا الاتجاه أيضا بأعمال ريم كولهاس. وتتلخص رؤيتهم في أنها تقوم على دعامات عجيبة ومائلة وتتمتع بالانسيابية والتفكيك في تحدي الجاذبية الأرضية من خلال الإصرار على الأسقف والكمرات الطائرة، مع التأكيد على ديناميكية التشكيل، حتى أنه أُطلق على أعمال زها حديد اسم التجريد الديناميكي.
معمارية خيالية
أعمال زها حديد يحددها عامل الانسيابية التي تُميز جميع أعمالها.
الخيال والمثالية هو ما يُميز تصميمات زها حديد، والتي يدعي البعض أنها غير قابلة للتنفيذ، حيث أن أبنيتها تقوم على دعامات عجيبة ومائلة، ويؤكد بعض النقاد أن هذه التصميمات تطغى عليها حالة من الصرامة.
بينما فندت عمليًا المعمارية العراقية اتهامات بعض النقاد بأنها مهندسة قرطاس، أي يصعب تنفيذ تصميماتها، بعد اكتمال تشييد متحف العلوم في فولفسبيوج شمال ألمانيا، الذي اُفتتح في نوفمبر 2005، والذي يؤكد على أن مقولة مهندسة قرطاس ليس إلا إدعاءًا كاذبًا من معماريين يعيشون مع الماضي؛ لأن كل الذي وضعته على شاشة حاسوبها استطاع الآخرون تنفيذه، كما أورد موقع الشرقية.
وقال أحد النقاد عنها: «جميع تصميماتها في حركة سائبة لا تحددها خطوط عمودية أو أفقية، أنها ليست عمارة المرأة؛ فهي فنانة مرهفة، تُقدم ما تشعر به من تأثير التطور التقني والفني في جميع اتجاهاته في عالم أصبح قرية صغيرة.»
وقال الناقد المعماري أندرياس روبي عن إبداعاتها وتصاميمها «أن مشاريع زها حديد تُشبه سفن الفضاء، التي تسبح دون تأثير الجاذبية في فضاء مترامي الأطراف، لا فيها جزء عالٍ ولا منخفض، ولا وجه ولا ظهر، فهي مباني تظهر وكأنها في حركة انسيابية في الفضاء المحيط ومن مرحلة الفكرة الأولية لمشاريع زها إلى مرحلة التنفيذ؛ تقترب سفينة الفضاء إلى سطح الأرض، وفي استقرارها تُعتبر أكبر عملية مناورة في مجال العمارة». كما وصفها شريكها باترك شوماخر بأنها كانت: «صرخة فيما قدمته، منذ عقدين من الزمن، من أعمال في مجالي الرسم أو العمارة.»
لم تقف زها حديد عند كونها معمارية ومهندسة ديكور فقط بل قامت بأعمال مختلفة في عالم الازياء وتعاونت مع دار لوي فيتون لإنتاج حقيبة تحمل العلامة نفسها ، وقد ابتكرت زها حقيبة تشبه الدلو من لدائن البلاستيك الابيض وغطت داخلها بالجلد بلون قرمزي .
وفي عام 2008 تعاونت مع علامة ميليسا البرازيلية وصممت حذاءاً بلاستيكيا يحاكي الهياكل المعمارية .
الوفاة يوم 31 مارس 2016. .
ميامي، فلوريدا، الولايات المتحدة
بسبب نوبة قلبية
مكان الدفن : مقبرة بروكوود
المصادر:
1- موسوعة وكبيديا
2- من هي زها حديد الاستاذة لينا عبد الغني استاذة في مؤسسات الغد الأفضل
3- رسالة جامعية النظم البنائية للعمارة الحديثة كمدخل للأثراء الجمالي للعمل الفني المعدني المجسم ، هاجر رمضان يوسف عبد الحميد ، جامعة الفيوم
4- تحدي الجاذبية في عمارة زها حديد . وجدان ضياء عبد الجليل
5- محددات تأكيد الهوية الثقافية العربية في التصميم المعماري من خلال الاسلوب البنائي الحديث (دراسة تحليلية لاسلوب المهندسة المعمارية زها حديد) هاني خليل الفران
No comments:
Post a Comment